samedi 29 juin 2013

مسائل للامتحان


وحكي أن الحجاج سأل يوما الغضبان بن القبعثري عن مسائل يمتحنه فيها من جملتها أن قال له: من أكرم الناس؟
 
قال: أفقههم في الدين، وأصدقهم لليمين، وابذلهم للمسلمين، وأكرمهم للمهانين، وأطعمهم للمساكين.
 
قال: فمن ألأم الناس؟
 
قال: المعطي على الهوان، المقتر على الاخوان، الكثير الألوان.
 
قال: فمن شر الناس؟
 
قال: أطولهم جفوة، وأدومهم صبوة، وأكثرهم خلوة، وأشدهم قسوة.
 
قال: فمن أشجع الناس؟
 
قال أضربهم بالسيف، وأقراهم للضيف، وأتركهم للحيف(1).
 
قال: فمن أجبن الناس؟
 
قال: المتأخر عن الصفوف، المنقبض عن الزحوف، المرتعش عند الوقوف، المحب ظلال السقوف، الكاره لضرب السيوف.
 
قال: فمن أثقل الناس؟
 قال: المتفنن في الملام، الضنين بالسلام، المهذار في الكلام، المقبقب (2) على الطعام.
  قال: فمن خير الناس؟
 
 قال: أكثرهم احسانا، وأقومهم ميزانا، وأدومهم غفرانا، وأوسعهم ميدانا.
 قال: لله ابوك! فكيف يعرف الرجل الغريب أحسيب هو ام غير حسيب؟
 قال: أصلح الله الأمير،  إن الرجل الحسيب يدلك أدبه وعقله، وشمائله وعزة نفسه، وكثرة احتماله وبشاشته، وحسن مداراته على أصله، فالعاقل البصير بالاحسان يعرف شمائله، والنذل الجاهل يجهله، فمثله كمثل الدرة إذا وقعت عند من لا يعرفها ازدراها، وإذا نظر إليها العقلاء عرفوها وأكرموها فهي عندهم لمعرفتهم بها حسنة نفيسة.
 فقال الحجاج: لله ابوك! فما العاقل والجاهل؟
 قال: أصلح الله الأمير! العاقل الذي لا يتكلم هدرا، ولا ينظر شزرا، ولا يضمر غدرا، ولا يطلب عدرا (3)،  والجاهل هو المهذار في كلامه، المنان بطعامه، الضنين بسلامه، المتطاول على إمامه، الفاحش على غلامه.
 قال: لله أبوك! فما الحازم الكيس (4)؟
 قال: المقبل على شأنه، التارك لما لا يعنيه.
 قال: فما العاجز؟
 قال: المعجب بآرائه، الملتفت إلى ورائه.
 قال: هل عندك من النساء خبر؟
 قال: أصلح الله الأمير!  إني بشأنهن خبير، إن شاء الله تعالى، إن النساء من أمهات الأولاد بمنزلة الاضلاع، إن عدلتها انكسرت، ولهن جوهر لا يصلح إلا على المداراة، فمن داراهن انتفع بهن، وقرت عينه، ومن شاورهن كدرن عيشه، وتكدرت عليه حياته، وتنغصت لذاته، فأكرمهن أعفهن، وأفخر أحسابهن العفة، فإذا زلن عنها فهن أنتن من الجيفة.
 فقال له الحجاج: يا غضبان إني موجهك إلى ابن الأشعث وافدا، فماذا أنت قائل له؟ قال: أصلح الله الأمير، أقول ما يرديه ويؤذيه ويضنيه.
 فقال: إني أظنك لا تقول له ما قلت وكأني بصوت جلاجلك(5) تجلجل في قصري هذا!
 قال: كلا! أصلح الله الأمير، سأحدد له لساني وأجريه في ميداني.
 فعند ذلك أمره الحجاج بالمسير إلى كرمان.



 
القصة اللاحقة

الغضبان بن القبعثرى و الاعرابي



المفردات: 
1- الحيف: الميل في الحكم، و الجور و الظلم.
2- القبقبة: صوت أنياب الفحل و هديره. و قبقب الاسد و الفحل اذا هدر.
3- العدر: المطر الشديد الكثير.
4- الكيس: الحسن الفهم و الأدب. و العامة تقول: كويس.
5- الجلاجل واحدها جُلجُل. و جلجل الرجل: صوّت شديدا.



المصادر:

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire