dimanche 30 juin 2013

الحجاج بن يوسف الثقفي و الغضبان بن القبعثرى بعد العودة من كرمان

كان قد جرى حوارشيّق ما بين  الغضبان بن القبعثرى و الاعرابي في طريق العودة من كرمان. 
لمن فاتته القصة من هـنا - الغضبان بن القبعثرى و الاعرابي -.
 
   فلما قدم الغضبان على الحجاج، وقد بلّغه الجاسوس ما جرى بينه وبين ابن الأشعث وبين الأعرابي قال له الحجاج: يا غضبان كيف وجدت أرض كرمان؟
قال: اصلح الله الأمير، أرض يابسة، الجيش بها ضعاف هزلاء، إن كثروا جاعوا، وإن قلوا ضاعوا.
 فقال له الحجاج: ألست صاحب الكلمة التي بلغتني أنك قلت لابن الأشعث: تغد بالحجاج قبل ان أن يتعشى بك؟  فوالله لأحبسنّك عن الوساد ولأنزلنك عن الجياد، ولأشهرنك في البلاد.
 قال: الأمان ايها الأمير، فوالله ما ضرت من قيلت فيه، ولا نفعت من قيلت له.
 فقال له: ألم أقل لك: كأني بصوت جلاجلك تجلجل في قصري هذا.  اذهبوا به إلى السجن.
 فذهبوا به فقيد وسجن، فمكث ما شاء الله ثم إن الحجاج ابتنى الخضراء بواسط، فأعجب بها، فقال لمن حوله: كيف ترون قبتي هذه وبناءها؟
 فقالوا: أيها الأمير، إنها حصينة مباركة، منيعة نضرة بهجة، قليل عيبها كثير خيرها.
 قال: لِم لم تخبروني بنصح؟
 قالوا: لا يصفها لك إلا الغضبان.
 فبعث إلى الغضبان فأحضره وقال له: كيف ترى قبتي هذه وبناءها؟
 قال: اصلح الله الأمير، بنيتها في غير بلدك، لا لك ولا لولدك، لا تدوم لك ولا يسكنها وارثك، ولا تبقى لك، وما انت لها بباق.
 فقال الحجاج: قد صدق الغضبان ردوه إلى السجن.
 فلما حملوه، قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.
 فقال: أنزلوه...
 فلما أنزلوه قال: رب أنزلني منزلا مباركا وانت خير المنزلين.
 فقال: اضربوا به الأرض، فلما ضربوا به الأرض قال: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
 فقال: جرّوه!
 فأقبلوا يجرونه، وهو يقول: بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم.
 فقال الحجاج: ويلكم اتركوه، فقد غلبني دهاءً وخبثاً،ً ثم عفا عنه، وانعم عليه وخلى سبيله.

 

الغضبان بن القبعثرى و الاعرابي


كنا قد تابعنا الحوارالذي جرى ما بين الحجاج بن يوسف الثقفي و الغضبان بن القبعثرى،حيث طرح عليه الحجاج عدة أسئلة يمتحنه بها، ثم أمره بعد ذلك بالمسير الى كرمان.
للاطلاع على الحوار من هـنا - مسائل للامتحان-.
  

    فلما توجه الغضبان إلى ابن الأشعث، وهو على كرمان بعث الحجاج عينا عليه، أي جاسوسا، وكان يفعل ذلك مع جميع رسله.
فلما قدم الغضبان على ابن الأشعث، قال له: إن الحجاج قد همّ بخلعك وعزلك فخذ حذرك، وتغد به قبل أن يتعشى بك، فأخذ حذره عند ذلك، ثم أمر للغضبان بجائزة سنية، وخلع فاخرة، فأخذها وانصرف راجعا، فأتى إلى أرملة كرمان في شدة الحر و القيظ، وهي رملة شديدة الرمضاء، فضرب قبته فيها، وحط عن رواحله، فبينما هو كذلك، إذا باعرابي من بني بكر بن وائل، قد أقبل على بعير قاصدا نحوه، وقد اشتد الحر وحميت الغزاله وقت الظهيرة، وقد ظمىء ظمأ شديدا، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فقال: الغضبان هذه سنّة، وردها فريضة، قد فاز قائلها، وخسر تاركها! ما حاجتك يا اعرابي؟
قال: أصابتني الرمضاء وشدة الحر والظمأ فيممت قبتك أرجو بركتها.
قال الغضبان: فهلا تيممت قبة أكبر من هذه وأعظم؟
قال: آيتهن تعني؟
قال: قبة الأمير بن الأشعث!
قال: تلك لا يوصل إليها؛ قال إن هذه أمنع منها!
فقال الاعرابي: ما اسمك يا عبد الله؟
قال: آخذ!  
فقال: وما تعطي؟
قال: أكره أن يكون لي اسمان!   
قال: بالله من أين أنت؟
قال: من الأرض!
قال: فاين تريد؟
قال: أمشي في مناكبها.
فقال الأعرابي - وهو يرفع رجلا ويضع أخرى من شدة الحر-: أتقرض الشعر!
قال: إنما يقرض الفأر.
فقال: أفتسجع؟
قال: إنما تسجع الحمامة!
فقال: يا هذا أئذن لي أن أدخل قبتك!
قال: خلفك أوسع لك.
فقال: قد أحرقني حر الشمس!
قال: مالي عليها من سلطان.
فقال: الرمضاء أحرقت قدمي !
قال: بُل عليها تبرد.
فقال: إني لا أريد طعامك ولا شرابك!
قال: لا تتعرض لما لا تصل إليه ولو تلفت روحك!
فقال الأعرابي: سبحان الله...
قال: نعم، من قبل أن تطلع أضراسك.
فقال الأعرابي: ما عندك غير هذا؟
قال: بلى هراوة أضرب بها رأسك.
فاستغاث الأعرابي: يا جار بني كعب.
قال الغضبان: بئس الشيخ أنت، فوالله ما ظلمك أحد فتستغيث.
فقال الأعرابي: ما رأيت رجلا أقسى منك، أتيتك مستغيثا فحجبتني وطردتني، هلا أدخلتني قبتك، وطارحتني القريض.
قال: مالي بمحادثتك من حاجة.
فقال الأعرابي: بالله ما أسمك ومن انت؟
فقال: الغضبان بن القبعثري.
فقال: اسمان منكران، خلقا من غضب.
قال: قف متوكئا على باب قبتي برجلك هذه العوجاء.
فقال: قطعها الله إن لم تكن خيرا من رجلك هذه الشنعاء.
قال الغضبان: لو كنت حاكما لجرت في حكومتك، لأن رجلي في الظل قاعدة. ورجلك في الرمضاء قائمة.
فقال الأعرابي: إني لأظنك حروريا.
قال: اللهم اجعلني ممن يتحرى الخير ويريده.
فقال: إني لأظن عنصرك فاسدا!
قال: ما أقدرني على إصلاحه.
فقال الأعرابي: لا أرضاك الله ولا حياك ثم ولى وهو يقول:
لا بارك الله في قوم تسودهم ... إني أظنك والرحمن شيطانا
أتيت قبته ارجو ضيافته ... فأظهر الشيخ ذو القرنين حرمانا 


القصة اللاحقة

الحجاج بن يوسف الثقفي و الغضبان بن القبعثرى بعد العودة من كرمان





  المصادر:




samedi 29 juin 2013

مسائل للامتحان


وحكي أن الحجاج سأل يوما الغضبان بن القبعثري عن مسائل يمتحنه فيها من جملتها أن قال له: من أكرم الناس؟
 
قال: أفقههم في الدين، وأصدقهم لليمين، وابذلهم للمسلمين، وأكرمهم للمهانين، وأطعمهم للمساكين.
 
قال: فمن ألأم الناس؟
 
قال: المعطي على الهوان، المقتر على الاخوان، الكثير الألوان.
 
قال: فمن شر الناس؟
 
قال: أطولهم جفوة، وأدومهم صبوة، وأكثرهم خلوة، وأشدهم قسوة.
 
قال: فمن أشجع الناس؟
 
قال أضربهم بالسيف، وأقراهم للضيف، وأتركهم للحيف(1).
 
قال: فمن أجبن الناس؟
 
قال: المتأخر عن الصفوف، المنقبض عن الزحوف، المرتعش عند الوقوف، المحب ظلال السقوف، الكاره لضرب السيوف.
 
قال: فمن أثقل الناس؟
 قال: المتفنن في الملام، الضنين بالسلام، المهذار في الكلام، المقبقب (2) على الطعام.
  قال: فمن خير الناس؟
 
 قال: أكثرهم احسانا، وأقومهم ميزانا، وأدومهم غفرانا، وأوسعهم ميدانا.
 قال: لله ابوك! فكيف يعرف الرجل الغريب أحسيب هو ام غير حسيب؟
 قال: أصلح الله الأمير،  إن الرجل الحسيب يدلك أدبه وعقله، وشمائله وعزة نفسه، وكثرة احتماله وبشاشته، وحسن مداراته على أصله، فالعاقل البصير بالاحسان يعرف شمائله، والنذل الجاهل يجهله، فمثله كمثل الدرة إذا وقعت عند من لا يعرفها ازدراها، وإذا نظر إليها العقلاء عرفوها وأكرموها فهي عندهم لمعرفتهم بها حسنة نفيسة.
 فقال الحجاج: لله ابوك! فما العاقل والجاهل؟
 قال: أصلح الله الأمير! العاقل الذي لا يتكلم هدرا، ولا ينظر شزرا، ولا يضمر غدرا، ولا يطلب عدرا (3)،  والجاهل هو المهذار في كلامه، المنان بطعامه، الضنين بسلامه، المتطاول على إمامه، الفاحش على غلامه.
 قال: لله أبوك! فما الحازم الكيس (4)؟
 قال: المقبل على شأنه، التارك لما لا يعنيه.
 قال: فما العاجز؟
 قال: المعجب بآرائه، الملتفت إلى ورائه.
 قال: هل عندك من النساء خبر؟
 قال: أصلح الله الأمير!  إني بشأنهن خبير، إن شاء الله تعالى، إن النساء من أمهات الأولاد بمنزلة الاضلاع، إن عدلتها انكسرت، ولهن جوهر لا يصلح إلا على المداراة، فمن داراهن انتفع بهن، وقرت عينه، ومن شاورهن كدرن عيشه، وتكدرت عليه حياته، وتنغصت لذاته، فأكرمهن أعفهن، وأفخر أحسابهن العفة، فإذا زلن عنها فهن أنتن من الجيفة.
 فقال له الحجاج: يا غضبان إني موجهك إلى ابن الأشعث وافدا، فماذا أنت قائل له؟ قال: أصلح الله الأمير، أقول ما يرديه ويؤذيه ويضنيه.
 فقال: إني أظنك لا تقول له ما قلت وكأني بصوت جلاجلك(5) تجلجل في قصري هذا!
 قال: كلا! أصلح الله الأمير، سأحدد له لساني وأجريه في ميداني.
 فعند ذلك أمره الحجاج بالمسير إلى كرمان.



 
القصة اللاحقة

الغضبان بن القبعثرى و الاعرابي



المفردات: 
1- الحيف: الميل في الحكم، و الجور و الظلم.
2- القبقبة: صوت أنياب الفحل و هديره. و قبقب الاسد و الفحل اذا هدر.
3- العدر: المطر الشديد الكثير.
4- الكيس: الحسن الفهم و الأدب. و العامة تقول: كويس.
5- الجلاجل واحدها جُلجُل. و جلجل الرجل: صوّت شديدا.



المصادر:

vendredi 28 juin 2013

كتاب فصاحة العرب

فصاحة العرب: 

صاحب الكتاب: حـــــــسـن مغنية، 

مؤسسة عـز الدين  للطباعة و النشر

 (1401 هـ -1981 م )

 بيروت - لبنان.

الأصمعي

        الأصمعي:

     عبد الملك ( 840 - 828 ) ولد في البصرة، من مشاهير لغوي العرب، تعلم في البصرة على الخليل و عيسى بن عمرو أبي عمر بن الأعلى، و عليه تعلم أبو الفضل الرياشي و أبو عبيدة و السجتاني و السكري. حفظ لغة البدو و لهجاتها. عهد اليه هارون الرشيد بتعليم الأمين. 
من مؤلفاته: "الفرس" و "الأراجيز" و "الميسر" و " مجموعة الأصمعيات" و له الفضل في الحفاظ على الكثير من دواوين العرب و أشعارهم .



 المصدر: